(1)
صدًى
لا صدَى خلفي،
أقفزُ في الهيولي:
ضفدعًا في بركةِ ماءٍ!
(2)
ليتني
العناكبُ تخيطُكَ في الظّلامِ
أيتّها الحبيبةُ.. ليتني
حارسَ نومِكِ في القبرِ.
(3)
سيصيرُ لي معنًى
كم ليلٍ سأقطعُهُ
كم رصاصٍ سيثقبُني
ليكونَ لي معنًى
(4)
ابتكارٌ
حين يطحنُني الفراغُ
أبتكرُ شجرةً
لألوذَ بالغابةِ.
(5)
نداءٌ
صوتٌ هناكَ يناديني..
إنّهً قلبي..
جرسُ في غابةٍ.
(6)
كم مرّةٍ
هديرُ الموسيقى
أزهارُ الرّبيعِ وهي تفوحُ
لكنيّ موجوعٌ ومصلوبٌ
في وطني الأخضرِ
يا سيّدي ، يا مسيحُ
كم مرّةٍ تُصلَبُ؟
(7)
نورسةٌ
في الرّبيعِ
تشِفُّ السّماءُ
خفيضةً في متناولِ الأيدي..
روحي نورسةٌ زرقاءُ
في حضنِ الأبديّةِ
تعليق محمّد صالح بن عمر :
هذه المجموعة من الومضات الشّعريّة تؤكّد التّوجّه الجديد الذي أخذ الشّاعر ينحو إليه بعد أن كان ، في ما مضى ، ينزع منزعا وجوديّا خالصا يغلب عليه اللّون الصّوفيّ .ويتجسّد هذا التّوجّه في اكتساب تجربته الشّعريّة طابعا واقعيّا دون أن تفقد خصائصها الأصليّة . وذلك ، دون أدنى شكّ ، بتأثير التّقلبات التي حدثت بالبلاد في السّنوات القليلة الماضية .وهذا التّردّد في السّياقات الواحدة بين الكونيّ والمحليّ ، بين الأنطولوجيّ ( ما يُهِمّ الذّات باعتبارها ذاتا ) والكينونيّ ( ما يتعلّق بالأشياء المحدّدة في العالم ) داخل هذه الملفوظات ، قد تجسّم في شبكتين دلاليّتين كبريين شديدتي التّداخل ، تحيل إحداهما على المشاعر والأسئلة الوجوديّة الاعتياديّة التي لم تنفكّ تقِضُّ مضجَع الشّاعر مثل اللاّ معنى (كم ليلٍ سأقطعُهُ/ كم رصاصٍ سيثقبُني ليكون لي معنًى ؟ ) والفراغ (حين يطحنُني الفراغُ ) ولازمنيّةُ الوجودِ (روحي نورسةٌ زرقاءُ في حضنِ الأبديّةِ ) والانشطارُ (صوتٌ هناك يناديني.. إنّهُ قلبي ) وفكرة الموت ( أيتّها الحبيبةُ.. ليتني حارسُ نومِكِ في القبرِ) ولغز البدايات البعيدة والإحساس بالضّآلة (أقفزُ في الهيولَي: ضفدعًا في بركةِ ماءٍ) . أمّا الشّبكة الأخرى فتّتصل بالواقع المتفجّر الذي يأبى أن يستقرّ في البلاد والذي يثير في الشّاعر حيرة عميقة (العناكبُ تخِيطُكِ في الظّلام أيّتها الحبيبةُ) وألما نفسيّا مبرّحا (لكنّي موجوعٌ ومصلوبٌ في وطني الأخضرِ) . من النّاحية الأسلوبيّة تمتاز هذه النّصوص القصيرة بشعريّتها العالية ، النّاشئة عن تكثيف الدّلالات الحافّة والرّموز وتنقية اللّغة من الدّلالات المرجعيّة.
أضيفت من قبل
admin
كتابة تعليق
كتابة تعليق
لا تعليقات حتى الآن