13241202_1068188243274161_290565086447209007_n

 

لا أكترثُ لمصائبي

ولا لأحزاني وأوجاعي

مادامَت رايةُ الحبِّ هي نفسُها

خفّاقة في قلبي وقلبِكِ

في البِحارِ والجبالِ

في الوهادِ والسّهولِ.

آهٍ كم تعوزني نعومتُكِ

وطيبتُكِ وحبُّكِ

وكم أتمنّى أن أتهاوى

بينَ ذراعيْكِ

باكيًا مُغمضَ العينيْنِ منقادا إليكِ

لأحتفظَ  بالسّعادة الفوّاحةِ الأبديّة  

التي جنيتُها من جنّتِكِ الغراميّةِ.

وإذا شاءتِ الأقدارْ

وتحقّقتْ أحلامي بالوصولِ  إليكِ

أحلامي هذه التي تراودُني

في اللّيلِ كما في النّهارْ

فسأكونُ المخلصَ الدّائمَ لذكراكِ

والمتعَبّدَ إلى الأبدِ في هيكلِكِ

وستتعالى جوقةُ الطّيورِ

مخلوبةَ الفؤادِ

متغنّيَةً بدموعِ حبّي لكِ

 

تعليق : محمّد صالح بن عمر :

يتميّز هذا الشّاعر  خاصّة بحساسيةٍ جماليّةٍ مرهفةٍ وشواغل نضّاليّة  ووجوديّة وَفقا للنّهج السّارتريّ لكن على نحو منغرس شديد الانغراس في الثّقافة العربيّة الإسلاميّة. وفي هذا النّص يطرق  غَرَضا  لم نره قد طرقه من قبلُ.وهو الغرض العشقيّ.وما في هذا- والحقّ يقال- من غرابة ، لأنّ الحبّ يبقى وسيبقى مطلب  الإنسان الأوّل في هذه الدّنيا.ومن ثمّة فمن الطّبيعيّ أن يتغنّى به شاعر من الشّعراء أو أن يتمنّى تجربة علاقة  في نطاقه أو على العكس وصف تجربة عاطفيّة مؤلمة تركت في نفسه آثارا   سيّئة .

وفي القصيدة التي بين يدينا يتعلّق الأمر ، مثلما هو جليّ ، بالحالة الثّانية ،لكون الحُبّ الذي عليه مدار النّصّ  حبّا من جانب واحد .وهذا الجانب هو الشّاعر .وهو ما ينزّله مبدئيّا في اللّون العشقيّ الحزين المؤلم  لما يتولّد عنه بديهيّا منحالات نفسيّة  سلبيّة لا سيّما الكبت

على أنّه لم يرد في النّصّ أيّ دليل لفظيّ أو معنويّ يتضمّن إشارة إلى أنّ المعشوقة تستخفّ بهذا الحبّ أو حتّى على علم به .وهو ما لا يلغي إمكان كونه حبّا  من بعيد أو حبّا سرّيّا .أمّا طبيعة هذا الشّعور كما يصوّره الشّاعر فهي، في ما يلوح، روحيّة خالصة من الصّنف الذي يتصف بالخلود والنّقاء، تماما مثل الحبّ العذريّ الذي كان يخالج قيس بن الملوّح وجميل بثينة و من لفّ لفّهما :

وإذا شاءتِ الأقدارْ

وتحقّقتْ أحلامي بالوصولِ  إليكِ

أحلامي هذه التي تراودُني

في اللّيلِ كما في النّهارْ

فسأكونُ المخلصَ الدّائمَ لذكراكِ

والمتعَبّدَ إلى الأبدِ في هيكلِكِ ).

وممّا قد يدعم هذه الفرضيّة  خلوّ خطاب المتكلّم من أيّ إشارة  إلى الجانب الحسّيّ من شخص المعشوقة  ربّما باستثناء كلمة ” نعومة ”  وإن كانت لا تحيل ضرورةً على الجسد لأنّها من صفات الأنثى الخصوصيّة روحا وجسدا.  

أسلوبيّا استخدم الشّاعر أساسا المبالغة لتضخيم أحاسيسه ومعجم الحبّ الأفلاطونيّ الرّوحيّ لإبراز نوعيّتها.   

 

 

أضيفت من قبل

admin

أنشر

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *