رولاند برجيرون

ما نحلمُ به هو:
الرّقصُ على أراضٍ غيرِ ثابتةٍ 
تهيئةُ الأشرعةِ صوْبَ الآفاقِ القصيّةٍ
الاهتزازُ مع تمايلِ الأمواجِ

ما نحلمُ به هو:
القطعُ مع الأوامرِ والنّواهي 
كسرُ القيودِ وإزاحةُ العوائقِ
العدوُ في السّهولِ الفسيحةِ 
بلا مِقودٍ ولا قِلادةٍ

نحلمُ برؤيةِ البحرِ يتلألأُ نجومًا
بكسرِ الإسمنتِ الصُّلبِ تحت أقدامِنا 
بنسفِ الطّرقِ الإسفلتيّةِ 
بفتحِ أجنحتِنا كالنّسورِ
بالاندفاعِ نحو البحرِ لمعانقةِ الدّلفيناتِ

كفى سككًا حديديّةً وطُرُقًا سيّارةً
نريدُ الأخضرَ المزدانَ 
بالزّهورِ الزّاهيةِ الألوان
كفى لافتاتٍ تمجّدُ 
الماءَ المودعَ في القوارير 
والجُلبّانَ المعلَّبَ المثلَّجَ

نحلمُ برؤيةِ السّقفِ السّماويِّ 
المُرصَّعِ بالنّجومِ
يتلألأُ بكلِّ أضوائهِ

ملَلْنا الحقائقَ اليقينيّة
وها نحن اليومَ نحلمُ
بالفرضيّاتِ
بالمحاولاتِ والزّلاّتِ
بواقعٍ بين قوسين

 

تعليق : محمّد صالح بن عمر: 

 

هذه القصيدة المبنيّة على  ثنائيّة  الموجود/والمنشود تنير عنصرا مهمّا من عناصر رؤية صاحبتها للعالم .وهو حالة التّشيّؤ التي أضحى عليها الإنسان في ظلّ الحضارة الحديثة، من جرّاء ميكنة النّشاط البشري  على نحو مشطّ والانتهاكات الخطِرَة لكيانه الذّاتيّ.و قد ألحّت الشّاعرة بوجه خاصّ ضمن العنصر السّلبيّ من الثّنائيّة على الاستعباد (الأوامرِ والنّواهي- القيود – العوائق)الذي استفحل إلى حدّ أن اتّخذ شكل التّدجين (مِقود – قِلادة)والتّزييف الذي أفقد كلّ العناصر الضّرويّة للحياة طبيعتها الأولى (الإسمنت الصُّلب  لافتات تمجّدُ الماءَ المودعَ في القوارير  – الجُلبّان المعلَّب المثلَّج  – الطّرق الإسفلتيّة).أمّا الضّدّ –وقد صاغته على هيئة حُلم أو على الأصحّ متخيَّل جماعيّ لدى الإنسان المعاصر فقد تركّز فيه  إلحاحها  على قيمة عليا هي قيمة الحُرّيّة في مستويين اثنين : الفعل (الرّقصُ على أراضٍ غيرِ ثابتةٍ – تهيئةُ الأشرعةِ صوْبَ الآفاقِ القصيّةٍ – الاهتزازُ مع تمايلِ الأمواجِ – العدوُ في السّهولِ الفسيحةِ )والفكر (نحلمُ بالفرضيّاتِ  – المحاولات والزّلاّتِ  – واقع بين قوسين)على حدّ السّواء على اعتبار أنّ الكائن البشريّ  حين يستعيد حريّته التي جُبل عليها وسلبها منه المجتمع  سيسترجع أصالته التي فقدها.

أسلوبيّا الأداة الرّئيسة التي استخدمتها الشّاعرة في هذه القصيدة  هي المبالغة أو بلغة حديثة التفخيم لنجاعتها الفائقة في  تصوير تجاوزات الحلم التي لا حدّ لها ولا حصر.

 

 

أضيفت من قبل

admin

أنشر

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *