مثقلةٌ بكَ
بِهمْ
بالقصيدةِ جمرةً في الكفِّ
والبوحُ صرخةٌ تتأرجحُ ما بينَ مدٍّ وجزرٍ
مثقلةٌ بأنايَ الغريبةِ
بأوجاعِ هذا الوطنِ
بورمِ العروبةِ ينخرُ منّي العظمَ
وعروةُ الانتماءِ تضيقُ على الرّوحِ ،لا تنفصمً
مثقلةٌ أنا بكَ
ولا أيائلَ في الدّربِ تؤنسُ وحشتي
ولا بحرَ يتّسعُ لأمواجِ الحنين
ولا سرابَ يقدَحُ بين الضّلوعِ
بريقَ الأمل
مثقلةٌ أنا يا صاحبي
فكيفَ الوصولُ ؟
كيف ستحملُني قدمايَ ؟
ثقيلٌ عليَّ كلُّ هذا الزّخمِ
ثقيلٌ……
ثقيلٌ…………………
ينوءُ به الظّهرُ مهما صلُدَ
تعليق : محمّد صالح بن عمر :
تنبع هذه القصيدةُ من أزمة نفسيّة حادّة تتجسّد في إحساس بالمرارة والارتباك والاضطراب.وقد صيغت على هيئة خطاب شكائيّ مؤثّر يتنزّل من حيث الغرضُ الذي طُرِق فيه ضمن أحدِ توجّهات الشّعر العربيّ المعاصر الرّئيسة منذ ظهور ما سُمّي ب”الرّبيع العربيّ”.وهو الذي يمكن وصفه بالواقعيّ النّقديّ .وقد اختار سلوكَه شقّ من الشّعراء انصرفوا إلى التّعبير عن خوف وجزع مشروعين إزاء التّدهور المستمرّ للأوضاع السّائدة في أقطارهم وانعدام أيّ بوادر لانفراجها، على عكس ما انساق إليه شقّ آخر اختار الرّكوب على الثّورة طمعا في نيل نصيبهم من مكاسبها فتبنّوا الواقع الجديد بعلاّتِه دون أدنى قراءة نقديّة ولم يكن لمعظم علاقةٌ بما حصل .
لقد انطلقت الشّاعرة من فكرة “الحِمْلِ ” التي حرصت على الإشارة إليها في العنوان (مُثقلةٌ ). فولّدتْ منها عددا وافرا من العناصر التي تنتمي إلى حقلها الدّلاليّ والتي يمكن توزيعها على ثلاث ثنائيّات رئيسة لعلّ أبرزها: الذّاتيّ (مثقلةٌ بكَ – مثقلةٌ بأنايَ الغريبةِ )/الموضوعيّ (بِهمْ – بأوجاعِ هذا الوطنِ )، الفكريّ (بورمِ العروبةِ ينخرُ منّي العظمَ / وعروةُ الانتماءِ تضيقُ على الرّوحِ ،لا تنفصمً ) العاطفيّ (ولا أيائلَ في الدّربِ تؤنسُ وحشتي / ولا بحرَ يتّسعُ لأمواجِ الحنين ) ، الثّقافيّ (بالقصيدةِ جمرةً في الكفِّ)/ الطّبيعيّ (البوحُ صرخةٌ تتأرجحُ ما بينَ مدٍّ وجزرٍ ) .
من النّاحيّة الأسلوبيّة تستمدّ هذه القصيدة قيمتها أوّلا من نبرتها الطافحة تلقائيّة وصدقا ثمّ من بنائها الشّجريّ المحكم ومن نسيجها الإيقاعيّ الرّشيق الحبك، بفضل التّكرار شبه المنتظم للتّرديدة (مثقلةٌ ) خاصّة.
أضيفت من قبل
admin
كتابة تعليق
كتابة تعليق
زهورالعربي
ديسمبر 9, 2016 at 7:57 م
الف شكر د.محمد صالح على رأيك الذي اعتزّ به واعتبره تاجا يحلي قصيدي ويزيدني حرصا على الثبات في درب الكلمة بما يليق برسالتها النبيلة
شكرا وأكثر